سبب عدم الحلاقة قبل الأضحية، معلومٌ أنَّ للأضحيةِ عدداً من الأحكامِ المتعلقةِ بها، منها النهي عن قصِّ الأظافرِ وحلق الشعرِ، لكن ما الحكمةُ من هذا النهيِ؟ وهل النهي للتحريمِ أم للكراهةِ؟ ومتى يستطع المضحي حلقَ شعرهِ؟ وما هي شروطُ صحة الأضحيةِ؟ كلُّ هذه الأسئلة سيجد القارئ الإجابة عليها في هذا المقال، وسوف نوضح لكم سبب عدم الحلاقة قبل الأضحية.
سبب عدم الحلاقة قبل الأضحية
الأصل أنَّ يُبادر المسلمَ إلى امتثالِ أمرِ الله -عزَّ وجلَّ- وإن لم يعلم الحكمةَ من الأمرِ الإلهي، حيث قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) لكن هذا لا يمنع من البحثِ في علىِ الحكمِ والحكمةُ منه، وفي هذه الفقرةِ سيتمُّ بيانُ الحكمةِ من عدمِ الحلاقةِ قبلَ الأضحيةِ، وفيما يأتي ذلك:
- أنَّ في تركِ المضحي لشعرهِ وأظافره، نصيبًا له من مناسكِ الحجِّ.
- إن في ذلك تشبهًا بالمحرمِ، الذي يجعله يستشعر بذلك ما عليهِ المحرمونَ من أحوالٍ.
- أنَّ في تركِ المضحي لشعرهِ وأظافره، رجاءً منه في العتقِ من النيرانِ بكاملِ جسده.
لقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أرادَ ذبح الأضحيةِ عن الأخذِ من أظافره وشعره، حيث قال: (مَن كانَ له ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ، فإذا أُهِلَّ هِلالُ ذِي الحِجَّةِ، فلا يَأْخُذَنَّ مِن شَعْرِهِ، ولا مِن أظْفارِهِ شيئًا حتَّى يُضَحِّيَ) لكن هل النهي الواردِ في هذا الحديثِ يقتضي التحريم أم الكراهة؟ فيما يأتي بيان أقوال أهل العلمِ في ذلك:
- القول الأول: أنَّ النهي هنا للتحريمِ، وهذا مذهب بعض أصحاب الشافعي والإمام أحمد بن حنبل.
- القول الثاني: أنَّ النهي هنا يقتضي الكراهة لا التحريم، وهذا المعتمد في المذهب الشافعي، وإلى ذلك ذهب بعض أصحاب الإمام أحمد، وهذا القول رواية عن الإمام مالك.
- القول الثالث: أنَّ النهي لا يقتضي التحريمَ ولا الكراهة؛ إذ أنَّه لا يحرمُ على المضحي لبس المخيطِ ولا معاشرة زوجته، ومن هذا المنطلق، فإنَّه يحرمُ عليه الحلقَ وتقليمَ الأظافرِ بالقياس، وهذا القول المعتمد في مذهب أبي حنيفة ومالك.
متى يحلق المضحي شعره؟
لقد وضح النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّ العلةَ من عدمِ الحلقِ هو إرادةُ التضحيةُ، حيث قال: (مَن كانَ له ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فإذا أُهِلَّ هِلالُ ذِي الحِجَّةِ، فلا يَأْخُذَنَّ مِن شَعْرِهِ، ولا مِن أظْفارِهِ شيئًا حتَّى يُضَحِّيَ) وبناءً على ذلك فإنَّ من أرادَ ذبح الأضحيةَ فإنَّه يستطيع حلق شعره وتقليمَ أظافرهِ بمجردِ انتهائه من ذبحِ أضحيته.
يُشترطُ في الأضحيةِ ستةُ شروطٍ لصحتها، وفي هذه الفَقَرة من مقال سبب عدم الحلاقة قبل الأضحية، سيتمُّ بيان هذه الشروطِ للجميع حتي يتم التعرف عليها صحيحًا، وفيما يأتي ذلك:
- أن تكونَ من بهيمةُ الأنعامِ، حيث قال الله تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۗ فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا ۗ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ)، وهي: الإبل والبقر والغنم سواء أكانت معزًا أم ضأنًا.
- أن تكون بلغت السنَّ المعتبرة شرعًا، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً، إلَّا أنْ يَعْسُرَ علَيْكُم، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ).
أن تكونَ خاليةً من العيوبِ التي تمنع الإجزاءَ، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أربعٌ لا تجوزُ في الأضاحيِّ فقالَ العوراءُ بيِّنٌ عورُها والمريضةُ بيِّنٌ مرضُها والعرجاءُ بيِّنٌ ظلعُها والكسيرُ الَّتي لا تَنقى). - أن تكونَ مملوكة للمضحي، أو مأذونًا له من قبل الشرعِ الحنيفِ.
- ألّا يتعلق بها حقٌّ للغيرِ.
- أن يتمَّ الذبحُ في الوقتِ المعتبر شرعًا، ودليل ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن صَلَّى صَلَاتَنَا، ونَسَكَ نُسُكَنَا، فقَدْ أصَابَ النُّسُكَ، ومَن نَسَكَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فإنَّه قَبْلَ الصَّلَاةِ ولَا نُسُكَ له).